Thursday, January 27, 2011

الغضب

بدت الدعوة في البداية محاولة لاختبار مدى قدرة المصريين على استلهام ثورة الياسمين التونسية، أعلنت وزارة الداخلية أنها ستتعامل " بتحضر" مع التظاهرة السلمية ، الكثيرون سخروا من الثورة التي تقوم بموعد ، واختيار يوم عيد الشرطة للقيام بتظاهرة ربما لن تضم أكثر من الوجوه المكرره للنشطاء في شارع عبد الخالق ثروت أما نقابتي الصحفيين والمحامين ، لكن ما حدث فاق التوقعات ، تجمع الألاف ، لا يخفى على أحد مشاركة الواسعة للإخوان الذين افترشوا ساحة ميدان التحرير للصلاة وقراءة القرآن، لكن الإقرار بالمشاركة الواسعة للإخوان لا ينفي مشاركة أعداد كبيرة من شباب لا ينتمون لأي تنظيم سياسي ، لنصبح أمام أكبر مظاهرة شهدها حكم مبارك ؛ هي الأكثر اتساعاً منذ تظاهرات 6 أبريل 2008 التي انقسم مركز القوى المشاركة فيها بين عمال المحلة في الغربية وبين القاهرة ، وعددا منذ إضرابات 17، 18 يناير 1977 ؛ إذ يقدر عدد المتظاهرين بعشرين ألفاً ، لكنها تتفوق عليهما بأنها لا ترفع شعارات اجتماعية أو فئوية مثل سابقتيها ؛ إنما مطلب سياسي محدد عكسته هتافات (يسقط ..يسقط حسني مبارك)، ومشاهد لشباب ينزعون صور الرئيس من الميادين .

لكن تصوير (الغضب) على أنه مجرد استلهام للثورة التونسية هو قفز على حقيقة تردي أداء الحكومة المصرية لدرجة الخطر كما يصفه (مؤشر الدول الفاشلة) لعام 2010، كما يمكننا اعتباره ردا على إغلاق النظام باب الأمل في أي تغيير سلمي عبر الوسائل الشرعية بإعلانه في السادس من ديسمبر الماضي الفوز "الكاسح " لنواب الحزب الوطني ، لتتقلص المساحة الممنوحة لكافة تيارات المعارضة سواء الحزبية أوجماعة الإخوان داخل مجلس الشعب .

كان يمكن لـ(الغضب) أن يظل سلميا ؛ إلا أن قوات الأمن دحرجت كرة العنف باستخدامها الرصاص المطاطي ، القنابل المسيلة للدموع مما أدى لمقتل 6 متظاهرين حتى الأن – 4 في القاهرة، 1 في السويس ، و 1 في سيناء ، فضلاً عن عشرات الجرحى - ، ردت الجماهير المشتعلة غضباً الكرة المتدحرجة صوبها بحرق مركز شرطة ومبنى حكومي في السويس ، تدحرج الكرة بين الطرفين سيسقط مزيدا من الضحايا ، كلما تدحرجت الكرة كلما ازداد اشتعالها. غدا سيخرج الآلاف في جمعة الغضب ، المزيد من التضييق سيدفعهم لمزيد من الخيال في ابتكار الحلول ، إذا حاصرت الحكومة المساجد يمكنهم صلاة الجمعة في الميادين ، ربما صلى جنود الأمن خلف إمام المتظاهرين ، وبدلا من هتافات (يسقط يسقط حسني مبارك) ، سيكون دعاء الإمام (اللهم أَهلِك الظالمين)، ليجيب الجميع:آمين

Sunday, January 16, 2011

أحمد & منى: 2011

م 1 ( ليل داخلي) 1 ( لونج شوت ) فتاة يبدو عليها التردد تسير في ممر بين حجرات

( ميديم شوت للوجه) يبدو على وجهها البكاء

(كلوس شوت ) يدها على مقبض إحدى الحجرات تفتحها ببطء

م 2 ( ليل داخلي )

شاب يجلس على كرسي ،أمامه ترابيزة عليها ورق ، يكتب بقلم رصاص

البنت : أحمد أنا .. ( نرى البنت تتحدث لكننا لا نسمع صوتها ، نسمع في الخلفية موسيقى لاف ستوري لكن بإيقاع أسرع متوتر ، الاعتماد في توصيل المعنى على الأداء الصامت للبنت وهي تحرك يديها ، تشير لنفسها ، ثم إليه ، وهو ينظر لها بوجه خال من التعبير )

تكور أذنك ، تنشغل بالنظر إلى ما تكتبه ، تعيد الشطب بالقلم الرصاص ، التأكيد على ما سبق كتابته ، بينما استمر في حكاية ما نسجناه عن ( البنت التي )

ترفع رأسك وتنظر مباشرة في عيني ، تشير إلي بالقلم الرصاص كأنك وجدت فكرة

- ممكن أحقق لك 3 أمنيات

- نتجوز و..

- تقاطعني بنفاذ صبر ، ابتسامة ساخرة : عشان تتجوزي لازمك راجل .. أنا الجني اللي هيحقق لك تلات أمنيات

- أصرخ في نفاذ صبر : الجني ؟! قول بأه أنك ما لكش ف الجواز ، أنا فعلا محتاجة راجل وأنت أصلك ...أبتر السبة لخاطر عينيك الغاضبة ، أزفر ضيقي، أستسلم لمنطق اللعبه ، أهز رأسي موافقة : ماشي .. 3 أمنيات ، أسألك بتشكك أنت خلاص لقيت نصك التاني ؟

- إزاي أدور على نصي التاني ونا لسه ما لقتنيش ؟

أبلع باقي الأسئلة ، انصاع لرغبتك في اللعب ، أقول في رجاء :

- ضُمِنِي

تتردد ، لكنني ألح في طلبي ، أفرد ذراعي نحوك ، تقوم متثاقلا من كرسيك ، تضع القلم الرصاص خلف أذنك ، تحيط كتفي بييدين مبسوطتين ، تحرص في اقترابك على ألا تلمسني ، لكنني أجذبك ، أضمك بعنف ، أبكي ، ترتبت مترددا علي ظهري ، تتسلل أصابعي لمداعبة زغبك ، أهمس : نفسي أرجع تاني بين ضلوعك ، نظرة متشككة من عينيك، ابتسامة ساخرة ، تثني ركبتيك ، لأشعر بطائرك يستعد للتحليق ، قبل أن يستجيب جسدي لهزة الرغبة ، أنزعني منك ، أصرخ بقدر رغبتي فيك

- لأ

أدفن وجهي في يدي ، أجهش بالبكاء ، يمكن أصعب عليك ، لكنك تتتركني لتجلس على كرسيك ، تعيد القلم من خلف أذنك ، تلفه بين أصابعك ، بينما تعيد عينيك قراءة ما كتبته ، تعدل وضع النظارة المنزلقة على أرنبة انفك ، عندما أرفع وجهي المبلل ، تسألني بهدوء دون أن ترفع عينك من الورق :

- عايزة أيه تاني ؟

- اعزمني على العشا

- تنظر لي ، ترفع حاجبيك ، تسألني : جعانة ؟!

- لأ.. بس إن ما كانش هيبقى بينا عيال فعلى الأقل يبقى بينا عيش وملح

م 2 ليل خاجي

لونج شوت ، ممر به عربة كبده وأمامها كراسي وترابيزات بلاستيك ، بعضها مشغول بناس تأكل ساندويتشات . أسير أمامك ، أسبقك بخطوة لاختار مكانا للجلوس ، تتبعني مستسلما ، على وجهي ابتسامة ، ملامحك ساكنة ، تؤدي المطلوب منك وكفى ، يظهر النادل وقبل أن يسأل أشير بإصبعين ، ساندوتشين واتوصى بالمخلل ، ينظر إليك فتهز رأسك أن نعم ، يعود معه طبقين ، يضعهما أمامنا .

- تعرف أنها أول مرة أخرج مع حد .. من زمان نفسي أخرج و.. ، أبتر الجملة بضحكه ، أقضم من السندوتش ، أكمل " وكده يعني .. "، أنت متعود تخرج مع بنات ؟ لا أنتظر إجابتك ، أكمل ، أنا بحب المكان ده جدا ، كل مرة كنت بعدي عليه كان بيبقى نفسي أقعد وأكل ، بس ببقى لوحدي واخاف حد يتعرض لي ، هو انت لما بتبقى لوحدك بتعمل أيه ؟ ، أنا بفضل ألف طول اليوم أتفرج على المحلات .. مش طول اليوم يعني أنا بشتغل 9 ساعات كل يوم و5 ساعات مواصلات ، بوصل البيت هلكانة ، يدوب أنام وأصحى تاني أروح الشغل ، بس ساعات رغم الهدة ببقى مش عايزة أروح ، أقعد أتفرج على الفتارين ، فيه محل قريب من هنا ، أشير بيدي ، عنده فساتين سوارية وفرح و.. ، هو أنت مش بتاكل ليه ؟! ، لا ترد ، حتى ملامحك ساكتة ، بسخرية أسألك " تحب أطلب لك رز بلبن يفتح نفسك " ، لا ترد ، أسألك بصوت متحشرج " هو أنا للدرجة دي ..؟ " ، يقترب النادل ، تسحب يدك من على الترابيزة لتخرج المحفظة من جيب الجاكيت ، لكنني أمسك كفك وأثبتها على الترابيزة : أنا اللي هادفع ، تبتسم للحركة التي جاهدتُ لتبدو عفوية ، تنشغل يدي الأخرى بإخراج النقود من الشنطة ، تترك كفك تحت يدي ، يتسرب دفئها لي ، أترك يدك في تأسف ، أنتظرك، لكنك تبدو متململا ، على وجهك تعبير " اللي بعده " .

- ممكن ندخل سيما ؟

م 3 ليل داخلي

ميديم شوت لصالة خالية نوعا ، نجلس متجاورين ، نرى تبدل إضاءة الفيلم على وجهيهما ونسمع موسيقى لاف ستوري ، أشاهدني أنسج حولك بيتا لم يكتمل ، ردودك المبتورة ، لمعة عينيك عند اللقا ، صوتك المجروح بالرغبة ، أميل برأسي لتلمس كتفك ، أبكي ، اسمعك تهمس : شششش ، قبل أن ينتهي الفيلم تسحب نفسك من جواري ، أحاول التشبث بك : مش هتكمل ؟ ، تمط شفتيك ، تثني ركبتيك وتعيد فردهما ، كأنك تغرز نصلك في إحداهن ، تهز رأسك نفيا : مش مستهله ، تتركني . صوت صفير في القاعة ، ضحك .