Sunday, October 26, 2008

الحب في زمن الكولّة

بلغة شعرية مكثفة يكتب أحمد العايدي فيلمه القصير الأول ( الحب في زمن الكولّة) ،أعترف أنني كنت من السذاجه بحيث تصورت أن الكولّة هي الكولا لمجرد وجود الزجاجة على أفيش الفيلم ، لكنها ليست الخدعة البصرية الوحيدة التي يستخدمها الفيلم ، حيث نجح العايدي طوال 10 دقائق - مدة الفيلم – في تسريب تفصيلات للإيحاء بوجود علاقات جنسية ، وهي خدع لم تكن لتحدث أثرها لولا براعة المخرج إبراهيم عبلة الذي انتهى من الفيلم كمشروع تخرج .

بطل الفيلم يعمل سائق توكتوك ( طيار ) لتوصيل الطلبات (الفطير) إلى الزبائن ، يحتفظ بزجاجة كوكاكولا كمزهرية يضع فيها الكولّة ثم وردة صناعية لتبدو حالته وهو يشمها طبيعية ، يبدأ الفيلم بمشهد للبطل نائما فوق سطح التوكتوك متذكرا حكايات جده عن شخص مات " راح يقابل ربنا خايف ومتلخبط ومكسوف فرد عليه ربنا أنت بقى لا هتدخل جنة ولا نار ، أنت هترجع الدنيا تاني لأنك معشتش " .

يفاضل البطل بين الحياة التي يتمناها والتي يحياها ، مستخدما معادل بصري بين الحالتين هما المترو " زي الناس المنظمة اللي بتقول لكل حاجة حاضر ونعم وتسمع الكلام" والتوكتوك ، نجح (عبلة) في التعبير عن المعنى بصريا عندما جمعهما في كادر واحد التوكتوك يسير في منحنى أسفل الكوبري بينما المترو في خطه المستقيم أعلى الكوبري .

نجح الفيلم في استخدام وتوظيف النص البصري دون الاتكاء على الحوار لتوصيل المعنى ، فسائق التوكتوك الطيار يسمع على باب زبون ( محمد الصاوي ) صوت تأوهات ، وعندما يفتح الباب يلمح في مدخل الشقة باب غرفة النوم وعلى السرير ما يشي بوجود نائم ، يدير عينه في المكان فيرى شنطة حريمي حمراء ، عندما يدرك الزبون أن سائق التوكتوك كشفه يضاعف البقشيش لضمان التواطؤ والسكوت ، لكن الطيار يخرج المطواة من جيبه على باب الشقة ، وقبل أن يغادر يعود صارخا في الزبون " خش هاتها " ، لنراه يلملم حاجاتها الشنطة وشريط الكاسيت ثم يضعها ملفوفة في ملاءة داخل التوكتوك .

في مكان مهجور يبدأ التوكتوك في الاهتزاز وجسد سائقه في الكنبة الخلفية مع الملاءة الملفوفة ، بعدها يخرج للتبول ، لكن حالة الانبساط والدندنة بالأغاني تجعلك لا تستطيع الزعم أي الفعلين سبب انسجامه ، قضاء الوطر أم الحاجة ، فكلاهما سواء ، زنقة واتفكت أو حاجة واتقضت .

بعدها يصبح التوكتوك لتوصيل طلبات من نوع أخر ، وفي نفس الوقت مكانا ثابتا للممارسة (الطياري) ، وهو ما يقوله الفيلم بفنية شديدة بتركيب مشاهد الأماكن داخل بعضها كادرات داخل كادرات بينما التوكتوك المهتز ثابت في الكادر ؛ فما يحدث داخله يمكن أن يحدث في أي مكان ، الكل مأزوم ، كما أن طريقة التركيب وتتابعها توحي بأن كل الأماكن مجرد ديكور لخدمة الرغبة الأساسية التي يكثفها التوكتوك .

مجموعة التفصيلات التي يسرسبها الفيلم بداية من الشنطة الحريمي في شقة زبون الفطير ، هيئة الجسد تحت غطاء السرير ، صوت التأوهات ، بيع سائق التوكتوك لزبائنه الجدد العازل الطبي ، ثم الرقم الذي يطلبه سائق التوكتوك نظير التوصيل ( 200 ) جنيه ، تنجح في خداع المشاهد الذي يفاجأ بالنكتة المأساوية في حوار طيار التوكتوك " 200 جنية ما ينقصوش مليم بدل ما اغُزهالك ، نزلي الفلوس في السبت احطها لك فيه " ، لنفاجأ بالعروسة النايلون مشنوقة في حبل الزبون المدلدل ، :) .

لا يمكننا الحديث عن حب تيك أواي في زمن الكولّة ، لأن ما حدث لم يكن حباً إنما حالة أسوأ من ضرب العشاري ( الاستمناء ) التي تعتمد فيها على نفسك مدركا مدى وحدتك وحاجتك ، أما صنع حالة الانسجام بعروسة نايلون ( منفوخة ) وأصوات تأوهات على شريط كاسيت لا يبرره إلا سطل إدمان الكولّة .

الفيلم على درجة عالية من الفنية ، تحسب لطاقم العمل ، سواء في انتقاء الموسيقى ، أماكن التصوير العشوائية ، حركة الكاميرا وتقطيع اللقطات ، مثلا حركة العروسة البطيئة في المشهد من أسفل لأعلى لاستعراض جسد منفوخ وبلا وجه ، لقطة الكلوس لفم البطل وهو ينزع البلف بأسنانه ، وعلى مستوى السيناريو الموزع جيدا بين الحوار والنص البصري أو الصمت الدال ، الجمل قصيرة معبرة عن الحالة ، فمثلا البطل لا يرضى عن عمله ، فنسمع بدلا من رنين الموبايل جملة (هناك شخص تافة يتصل بك) لنعرف أن صاحب المحل يطلبه لتوصيل الفطير .

يبدو الفيلم بما يضمه من إيحاءات جنسية صادما لذوي الأذواق المتحفظة ودعاة السينما النظيفة ، وهي إيحاءات تجاوزت حدود التلميح إلى التصريح في مشهد لكلبين يتضاجعان استخدمه المخرج مرتان الأولى في بداية الفيلم للتلميح بما يحدث في التوكتوك الذي يواصل الاهتزاز أثناء نوم البطل على سطحه ، لم يكن المشهد في محله لأن الجارة خرجت تزعق بالصوت الحياني " ألحق العيال ولاد الكلب ماسكين عروسة في التوكتوك بيسخمطوها " ، فالمشاهد عرف من الحوار ما يحدث داخل العربة دون الحاجة للكلبين ، والثانية عندما خرج الجار مدافعا عن شرف المكان – على طريقة الأفلام العربي القديمة - " نجستوا المكان يا ولاد الكلب " ملقيا حجرا قاصدا به سائق التوكتوك لكنه يصيب الكلاب المتضاجعة ، فكان مشهد طريفا وفي محله .

منشور في موقع عشرينات

Thursday, October 23, 2008

ماذا لو

Application_form_Masters_Degree_Courses_2005

تركتُ تعفف الصائمين لأقضم تفاحتك ، فأشعر بحلاوة كلماتك في حلقي ، يصل حجيج القبل المسافة بين تفاحتك وأذنك لأهمس : أحبك ، " أجبتني : لا أصلح " ، فأهتف : " يا قاتلي بغير ذنب ترفق ، وغُر بنصلك في جرحي حتى يرد عليك الموت ، امسح بأناملك دمع الهوى فينبت الزهر على أطرافها لأتذكر حرفا كتمتُه وفضحته عيون الواشين "

تطوف القبل بعينيك فلا تظمأ بعدهما أبدا ، تسرسب شوقها تحميدا باسمك ، وحين تتم مناسك العشق يتبدل موت الحياة عيداً .

Wednesday, October 08, 2008

لماذا حصل إبراهيم عيسى على العفو الرئاسي ولم يحصل عليه أيمن نور ؟!

كلاهما – عيسى ونور – يعتبر نفسه في خصومة خاصة مع النظام ، قالها د. أيمن نور في رسالته المفتوحة للرئيس مبارك على صفحات المصري اليوم : أحمّلك مسؤولية حياتي.. وأعلم أنني لن أخرج من السجن حياً ، وقالها عيسى عشية صدور الحكم على صفحات الدستور " نظام حكم مهووس بالانتقام من معارضيه "

الأصل والصورة

إلا أنه لا سبيل للمقارنة بين رجل استغرقت إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عنه وحبسه احتياطياً ( 30 دقيقة ) في 29 يناير 2005 وبين رئيس تحرير ظلت قضيته متداولة في المحاكم عام كامل ، لا يمكننا المقارنة بين رجل تم حبسه احتياطيا في 5 ديسمبر قبل صدور الحكم النهائي في 24 ديسمبر 2005 بأقصى عقوبة حبس 5 سنوات (عقوبة التزوير حبس 3-5 سنوات ) ، وبين رئيس تحرير ظل طليقا حتى بعد صدور حكم نهائي بأخف عقوبة حبس شهرين ، ( عقوبة بث شائعات مغرضة حبس 6 شهور إلى 3 سنوات )

جمهورية وراء الشمس

الدرس الذي نتعلمه من متابعة الصحف أنه إذا كان هناك ما يستدعي إبعاد شخص – أيا كان صفته أو وزنه – فالأمر أسهل من فرقعة الأصابع ، ربما صدر قرار اعتقال بليل في ظل مشروعية الطوارئ ولنا في مسعد أبو الفجر ، حسام الوكيل وغيرهم أسوة حسنة ، هناك أوبشن المحاكمة العسكرية والذي ينفرد به أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ، لا ننسى حوادث الاختطاف والضرب في الصحراء

لله في خلقه شئون

ورغم صدور وعد رئاسي في فبراير 2004 بمنع الحبس في قضايا النشر ، إلا أن لدينا دزينة من الزملاء صدر ضدهم أحكاما بالحبس منهم على سبيل المثال لا الحصر عبد الناصر الزهيري ، علاء الغطريفي ، يوسف العومي ،أميرة ملش

الطريف أن جميعهم نجحوا في التصالح مع خصومهم بعد فاصل من الاختباء ، لم يقل أحدهم أنه سيسلم نفسه بينما تُُمارس جهود حثيثة لوقف تنفيذ الحكم ، طبعا لم ينل أيهم من الدعم الأدبي ما ناله الأستاذ رئيس تحرير الدستور ، فلا مظاهرات تهتف باسمهم على سلالم النقابة ، ولا احتفاليات فنية غاضبة !!

كما أن الوعد الرئاسي لم يمنع صدور أحكاما نهائية بحبس صحافيين في قضايا نشر ، فإن العفو الرئاسي لن يمنع حبسهم ، فقط يؤكد مشيئته ؛ إن شاء منح وإن شاء منع